الخميس، 9 أكتوبر 2014

"الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية" للدكتور سعيد شبار.


"الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية" للدكتور سعيد شبار.

صدر حديثا كتاب: "الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية"، للدكتور سعيد شبار، عن "مركز دراسات المعرفة والحضارة"، (سعيد شبار، الثقافة والعولمة وقضايا إصلاح الفكر والتجديد في العلوم الإسلامية، مركز دراسات المعرفة والحضارة، سلسلة أبحاث ودراسات فكرية، 2، دار الإنماء الثقافي، الرباط، ط 1، 2014، 221 ص من الحجم المتوسط).

جاء الكتاب موزعاً على مقدمة وثلاثة فصول، كانت عناوينها كالتالي: "الثقافة والعولمة قراءة في جدل المحلي والكوني" (وتضمن مبحثان: في تعريف الثقافة ومقتضيات التثاقف؛ الثقافة والعولمة وجدل المجلي والكوني)؛ "مفهوم الإصلاح وتجددي الرؤية والمنهج لتجديد العلوم والتديّن" (وتضمن المباحث التالية: مفهوم الإصلاح في اللغة، والشرع، والاصطلاح (أو التداول التاريخي)؛ من أجل منهاج قرآني تجديد في الفكر والعلوم (رؤية منهجية)؛ مداخل علمية وإرشادية في الإصلاح الديني والتغيير الثقافي)؛ "مفهوم الإصلاح وتجددي الرؤية والمنهج لتجديد العلوم والتدين"؛ "استئناف التجديد والبناء في العلوم.. دفعاً لآفاق الانفصال وربطا بواقع وتطلعات الأمة". (وتضمن المباحث التالية: في الحاجة إلى استئناف التجديد في العلوم الإسلامية؛ من مظاهر التحيز في العلوم الإسلامية وتأثيرها على ثقافة الأمة وعطائها الكوني؛ فقه الواقع، سياق خارجي ومقامي النص؛ الخلفيات الفكرية الموجهة للقراءات الحداثية للقرآن الكريم، ونقد أطروحة التسوية بين الكتب المقدسة).

افتتح المؤلف عمله بالتوقف عند أهم تيارات التثاقف السائدة في الساحة العربية الإسلامية، مُبدياً بعض الملاحظات حول استعمالات هذا التثاقف في بعض المفكرين، وإن كانوا من مصنفين عموما في الاتجاه القومي، أو حتى "العلماني المعتدل"، فإن بعضاً منهم يصنف نفسه اتجاها ثالثاً بين اتجاهين سائدين: اتجاه الانبهار بالغرب الثقافي والتماهي معه، واتجاه الرافضين له والمستنفرين ضده، أما الاتجاه الثالث حسب أحد المعبرين عنه بوضوح، عبد الإله بلقزيز، فهو تيار التثاقف النقدي الذي لا نعثر له على أشباه ونظائر في المجتمع الأهلي، وهو الأكثر توازنا في الوعي العربي المعاصرـ وعلى صعيد إدراكه للغرب والثقافة الغربية بالذات فهو يبدي سائر أنواع الانفتاح عليها دون تردد، لكنه يحفظ نفسه، في الوقت ذاته، حق مساءلتها وإخضاعها للنظر النقدي من باب مطابقتها للحاجات الاجتماعية والفكرية للمجتمع العربي.


في نقد التقابلات الزائفة

يتحسر المؤلف كثيراً على سيادة لائحة من التقابلات الوهمية والزائفة في الساحة الفكرية العربية والإسلامية، غذتها من وجهة نظره، مؤثرات خارجية قديماً وحديثاً، وتأسست بذلك عوامل من الفرقة والتجزئة المذهبية والطائفية الضيقة في مدارس واتجاهات قائمة بذاتها، تنتمي إلى أحد طرفي معادلة ابتدأت بـ"أهل الرأي وأهل الأثر"، و"العقل والنقل"، و"الحكمة والشريعة"، وتبلورت إلى "العلم والدين"، و"الدين والدولة"، و"التراث والتجديد، و"الأصالة والمعاصرة"، و"الحداثة والتقليد"، واللائحة مرشحة لإنجاب المزيد.

أما مرد هذه التقابلات، فمرتبطة على الخصوص بمناهج التأريخ والدراسة للفكر الإسلامي بمذاهبه الفقهية والعقائدية وتياراته الفكرية والفلسفية، والإحالة تحديداً على مذاهب لم تعمل على إحياء وإنضاج "ثقافة الوحدة" المؤطرة للخلاف والمستوعِبة له، بقدر ما أرخت لـ"الفرق بين الفرق" ولـ"الملل والنحل" وتعمقت في أسباب الخلاف تأصيلاً وتفريعاً.

نأتي لمعالم التجديد الشامل الذي يُحيي تكاليف الأمة الجماعية، كما سَطّر بعض معالمها المؤلف في أحدث أعماله، منطلقاً مما يُشبه مًسلّمة لا زالت غائبة عند العديد من فكرانيات الساحة، ومفادها أن الأصل في العلوم الإسلامية كونها نشأت ابتداءً من الوحي، وبينها وحدة عضوية موضوعية لوحدة الأصل والمصدر، وأن الخيط الكلي الناظم لكل هذه العلوم [بيت القصيد] ينبغي أن يعكس تكالمها ودورانها مع الأصل حيث دار؛

والحال، أن الناظر إلى واقع هذه العلوم التاريخي والراهن، يلحظ أن كلاً منها يدور في فلك خاص وأطر مرجعية ومنهجية خاصة، حتى لكأنها جزر منفصلة بعضها عن بعض، وأن فيها من التجريد والصورية أكثر مما فيها من الواقعية لتعطلها عن المواكبة العملية.

ليس هذا وحسب، فزيادة على القلاقل سالفة الذكر، سقط الفكر الإسلامي في "فخاخ" التغريب والاستلاب ومقدمات الاستتباع، والتي لا تعدو أن تكون فكرية ثقافية بالدرجة الأولى، ومرد ذلك أن الغرب نجح في صكّ وترويج مجموعة من الدمغات والأختام الجاهزة: نحن إزاء مصطلحات ومفاهيم، ذات قدرات تأثيرية عالية منذ عصر نهضته إلى عصر عولمته، معتبراً أنه من مستعجلات فكرنا الإسلامي المعاصر البدار المنظم والمنتظم للاشتغال على جبهة المفاهيم والمصطلحات باعتبارها مفاتيح العلوم والثقافة والفكر، والتي تسحب أرصدتها الذاتية تباعاً بعامل الزحف الأجنبي الدلالي عليها، وذلك بإعادة بناءها ذاتيا وتحريرها من كل إفادة إيجابية منها، ولمَ لا إعادة تسميتها من خلال المعجم العربي، حيث يمكن لتلك المفاهيم أن تقوم بوظائف البناء الذاتي لا الإلحاقي، فتسهم في بناء حداثة الأمة الخاصة بها.

من الأسئلة المؤرقة لسعيد شبار في ثنايا هذا العمل، تلك المرتبطة بتأسيس نموذج إصلاحي بنائي للبدائل وفق الرؤية والمنهاج في ظل نظام العولمة وما تتيحه من تقريب ما كان غائباً عنا، أي الأفق الكوني الإنساني، أفق العالمية الذي هو أحد خصائص الرسالة [الإسلامية] نفسها، نقول هذا أخذا بعين مقتضى الآية القرآنية الكريمة: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين".

وجلّي، يضيف شبار، في خطاب يهم العديد من فكرانيات الساحة، ومن شتى المرجعيات، أن أي نظام فكري جامد ومتأخر عن زمانه، غير مؤهل لأن يُنتج خطاباً إصلاحياً، وهل الآليات (المناهج) المتاحة في هذا الفكر وبالطريقة المستعملة والمتوارثة تسمح بإنتاج خطاب ومعرفة تصحيحية إصلاحية، أم أنها لا تملك إلا إعادة إنتاج الظواهر الفكرية والثقافية نفسها ولربما بصورة أسوأ؟، يضيف المؤلف بنبرة صريحة، ومن بوسعه نفي سُنّة كونية مفادها أن فاقد الإصلاح الذاتي غير مؤهل لإصلاح الوطن والأمة والإنسانية.

كما توقف المؤلف عند لائحة عريضة من الإصلاحيين القدامى، ومعها المعيقات التي حالت دون التأسيس لإصلاح ديني، ولخصها في حتمية التمييز بين الأصول المؤسِّسة للمعرفة وتلك التي أسستها المعرفة، حيث تحولت كثير من المقررات المذهبية والفرقية إلى أصول نائبة عن الأصول وحلت محلها، مضيفاً أن العديد من حركات الإصلاح والتغيير أخطأت موعدها مع الدين ومع سُنَن ومسالك التغيير التي ينص عليها، وإن تحدثت باسمه ورفعته شعاراً وأفكاراً. ولهذا كانت مقولة "العودة إلى الدين" دائما على رأس بنود الإصلاح، دون تحديد "كيف" تتم تلك العودة وما هي مداخلها ومراحلها، وأصولها وفروعها، وأولوياتها وارتباطاتها وامتداداتها.. إلخ. إذ غالبا ما نجد مشروع "الإصلاح" ينتهي إلى نزال سياسي معين، ومقاربة جزئية ضيقة، لا تكاد توحد وتؤطر أصحابها فكيف بغيرهم حولهم أو أبعد منهم!

إصلاحيون قدامى ومتقدمون على المعاصرين

إشارة نقدية تتطلب وقفة تأمل: مهما قيل بخصوص أعطاب المشاريع الإصلاحية لرموز النهضة (الطهطاوي، عبده، الكواكبي..)، بالصيغة التي لخصها باقتدار علي أومليل، من أن "آراء الأنواريين [الأوروبيين] في المسألة الدينية قد انتقلت لتؤثر على المفكرين العرب الإصلاحيين. فما كان لهؤلاء أن يذهبوا في نقدهم للظاهرة الدينية [الدين]، والوحي، والمعجزات، إلى المدى الذي ذهب إليه الأنواريون، ذلك أن هناك فروقا في الموقف من الدين هنا وهناك" (أنظر: علي أومليل، في معنى التنوير، ضمن كتاب: حصيلة العقلانية والتنوير في الفكر العربي المعاصر، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ط 1، 2005، ص 141.).

والحال، كما عايناه بشكل صادم بعيد اندلاع أحداث "الربيع العربي"، أن اجتهادات الإصلاحيين القدامى متقدمة على زمنهم السياسي والديني على حد سواء، فرفاعة الطهطاوي، ومن خلال عمله "تخليص الإبريز في تلخيص باريز"، انصبّ جهده على "تطوير التعليم" و"تعليم البنات" و"هدم الآراء الفاسدة"، وهي اهتمامات لا زالت راهنة اليوم أخذاً بعين الاعتبار مشاريع ومواقف تيارات إصلاحية دينية لا يتردد بعضها في "تحريم" تعليم البنات، أو منعهن من العمل خارج البيت، بما يُفيد أنه رغم ما يمكن أن تُؤاخذ عليه اجتهادات رموز الإصلاحية العربية منذ قرن ونيف، إلا أنها قطعاً كانت متقدمة جداً مقارنة مع "الأفق المعرفي" الإسلامي السائد حينها، ومواكبة "الأفق المعرفي" الإسلامي السائد اليوم، إن لم تكن متقدمة عليه في الأفق الإصلاحي، ولهذا ــ بالعودة إلى كتاب سعيد شبار، ضيف هذا العرض ــ يمكن الانطلاق من رموز هذه المدرسة الإصلاحية في المشرق والمغرب على حد سواء، مع الأفغاني والطهطاوي وعبده، والتونسي والكواكبي وابن باديس والإبراهيمي وابن عاشر وعلال الفاسي والحجوي، من تلك الطينة العلمية التي استلهمت جيداً التراث الإصلاحي التأصيلي القديم، من أجل تأسيس أرضية مهمة في طرح أسئلة الإصلاح الكبرى التي تم التعامل معها [لاحقا] باختزال كبير، بل وتم التراجع عنها الآن لفائدة أسئلة واهتمامات جزئية.

عطفا على أحداث الحراك العربي، أو "الانتفاضات الشعبية" كما جاء في الكتاب، وهنا وجبَ التنويه بإشارة نقدية مهمة، ضمن لائحة من الإشارات الواردة في هذا العمل القيّم: ما ينبغي الخشية منه أو الحذر منه، حسب المؤلف، هو أن تكون العودة إلى الدين بحثا عن حاجة في الدين وعد بها هذا الاتجاه أو ذلك باسم الدين أو باستناده إلى الدين، حتى إذا أخفق فيها نفض الناس أيديهم من أي إمكان إصلاحي أو تغييري باسم الدين، ولم يعد له في نفوسهم إلا طقوسه وشعائره التعبدية. أو على الأقل ذلك ما سيعطي مبرراً لخصومه للطعن فيه كمشروع حضاري ومعرفي وثقافي وليس كمشروع سياسي وحسب، أما مكمن العطب المسكوت عنه في هكذا اختزال للدين (من خلال ترويج نموذج معين من التديّن)، فيُحيلنا على ما حفل به كتاب لا يقل رصانة، صدر منذ بضع سنين في الساحة الفرنسية للباحث أوليفيه روا، ويحمل عنوان "الجهل المقدس: زمن دين بلا ثقافة"، (صدرت ترجمته للعربية عن دار الساقي) وهذا كتاب حافل بالعديد من المفاتيح المفاهيمية لفهم هذه الظواهر الاجتماعية التي تتحدث عن/ في الدين، سواء كانت تنهل من هذه المرجعية الفكرانية أو تلك.

مآزق فصل الدين عن الثقافة

يُفيد هذا المأزق، أنه في التديّن ـ والتقييم لسعيد شبار ــ الثقافة قبل السياسة، وإذا تعاطى المتديّن السياسة قبل الثقافة قد تحل من الكوارث ما لا تُحمد عقباه. ويقصد بالثقافة معناها الشامل المستوعب للفقه والعلم والمعرفة والواقع، ولو بأقدار مختلفة تمكن من تدبير الاختلاف وتحقيق المصالح والحفاظ على سقف الوحدة المؤطر للجماعة.

ولأن المؤلف، على غرار أهل "الأفكار الطولى" ــ اصطلاح سَطّره طه عبد الرحمن ــ يأخذ مسافة نظرية وعملية من بعض التيارات المتصارعة في الساحة، رغم أنها تمثل أقلية، فإنه يُنبّه وينصح هذه الفكرانيات، معتبراً أنه لا أحد يمكنه احتكار النص والتحدث باسمه، وفي المقابل، لا أحد يمكنه احتكار العقل والتحدث باسمه، فالنص رسالة للعالمين والعقل نعمة الله على الناس أجمعين، ولقد نبّه إلى هذا الدور التكاملي بين طرفي هذه الثنائيات ونفى اشكال التعارض بينها علماء متقدمون في الأمة ومتأخرون، دون أن يعني ذلك تجاوز منطق الثنائيات أصلاً، من منطق أن الله تعالى خلق من كل زوجين اثنين، لولا أن هناك فوارق جلية بين (1) الثنائيات الوجودية التي لا يملك الإنسان إزاءها شيئا كثنائيات الخالق والمخلوف، الدنيا والآخرة.. أو (2) الثنائيات الوجودية الاختيارية كثنائيات الخير والشر والصلاح الفساد.. وبين (3) الثنائيات التي يصنع الإنسان تقابلها ويفتعل الخصومة بينها بنفسه، والأصل فيها ليس التقابل والتضاد وإنما التكامل والانسجام.

نأتي لإحدى أهم مضامين العمل، والإحالة هنا على مبحث "الخلفيات الفكرية الموجهة للقراءات الحداثية للقرآن الكريم"، حيث أورد سعيد شبار مجموعة من المُحدّدات التي تقف وراء صعود أسهم هذه القراءات، لعل أهمها، التجربة التاريخية للنص اليهودي والمسيحي؛ حركة النقد العنيفة التي أطاحت بقدسيته من باحثين ومفكرين ينتمون إلى الحقل الديني أو من خارجه؛

منها كذلك الرؤية التشكيكية التي شكلتها المدارس الاستشراقية التي كانت تصور الدين الإسلامي والحضارة الإسلامية وتقدمهما للاستهلاك الغربي على غير حقيقتهما وبكثير من الخلط والتشويه؛ وأخيراً، نجد أيضاً واقع الأمة المنحط والمتخلف، وأنماط الفكر التقليدية السائدة فيه، مع التنويه الضروري في هذا المقام، إلى أن شبار يشير في موقع آخر من العمل، إلى أن نقده للتقليد ليس نقداً للمذهبية وللمذاهب، مادامت هذه الأخيرة يُحسبُ لها أنها استطاعت أن تحافظ على بلدان أمنها واستقرارها، وأن تدرأ عنها كثيرا من الفتن، لكنه نقد لحركة تجميد العقل التي انتشرت بقوة ووجد فيها الكثيرون ملاذاً للراحة، مما فوت على خلف الأمة فرصاً في البناء.

ذ.منتصر حمادة (بتصرف).

الاثنين، 28 يوليو 2014

تدبير الشأن الديني في المغرب.. تحولات عميقة لترسيخ الثوابت الدينية


تدبير الشأن الديني في المغرب.. تحولات عميقة لترسيخ الثوابت الدينية 


emirmominin
 
 
على غرار العديد من الميادين الأخرى، يشهد الحقل الديني بالمملكة، بقيادة أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، تحولات عميقة تصب جميعها في اتجاه ترسيخ الثوابت الدينية التي ارتضتها المملكة منذ قرون، والقائمة على العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني.

كما تؤكد المبادرات القوية والشجاعة التي اتخذها أمير المؤمنين للنهوض بمختلف مجالات الحقل الديني، على عزم جلالته القوي على تطوير التأطير الديني والتطوير المستمر للوظائف الدينية داخل المساجد وخارجها صيانة للعقيدة والمذهب وحفاظا على الهوية الروحية والوحدة الوطنية للأمة وقيمتها التاريخية والحضارية، وهو ما جعل النموذج المغربي في تدبير الشأن الديني يحظى بالاهتمام على المستويين القاري والدولي.
هذا الاهتمام يتجلى بوضوح في استقبال المملكة، بأمر من أمير المؤمنين لعدد كبير من الأئمة من الدول الشقيقة التي أبدت رغبتها في التزود من معين التجربة المغربية في مجال تدبير الشأن الديني. وبالفعل فقد توافد على المغرب أئمة من مالي وغينيا وليبيا وتونس، ونيجيريا.... كي يتلقوا تكوينا دينيا يقوم على منهج الوسطية والاعتدال والتسامح والانفتاح على الآخر، ونبذ الغلو والتطرف.
ويدل الإقبال على تكوين أئمة بلدان إفريقية بالمغرب على نجاح المقاربة الشاملة التي اعتمدها في مجال محاربة التطرف والعنف، والتي تركز على نشر قيم الإسلام المعتدل والسمح.
وتعكس الطلبات المتزايدة لتكوين الأئمة المقدمة للمغرب وجاهة سياسته في مجال تدبير الشأن الديني التي وضع أسسها الكبرى أمير المؤمنين والتي تهم مختلف جوانب الحياة الدينية للأمة، سواء من خلال تجديد الأدوار التاريخية للمساجد أو في ميدان حفظ القرآن الكريم وتكوين الأئمة والمرشدين الدينيين أو في مجال تثمين دور المؤذنين والقيمين على المساجد.
جانب آخر من جوانب الرعاية السامية للشأن الديني، يتجلى في ترؤس جلالة الملك يوم 13 يونيو الماضي بالرباط، مراسيم تقديم "خطة دعم" التي تعنى بالتأطير الديني على الصعيد المحلي، والتي تشكل لبنة إضافية في مسار إصلاح الحقل الديني، الذي ما فتئ أمير المؤمنين يوليه عناية خاصة.
كما أنها تأتي تفعيلا للتوجيهات الملكية السديدة القاضية بتطوير المجال الديني وتحديثه، خاصة عبر تمكينه من الموارد البشرية المؤهلة والوسائل المادية الضرورية، والانفتاح على التكنولوجيات الحديثة، وذلك في إطار الالتزام بثوابت الأمة.
وتروم هذه الخطة تحصين المساجد من أي استغلال، والرفع من مستوى التأهيل لخدمة قيم الدين، ومن ضمنها قيم المواطنة، وذلك في إطار مبادئ المذهب المالكي الذي ارتضاه المغاربة نهجا لهم.
كما تقوم على توسيع تأطير الشأن الديني على المستوى المحلي، بواسطة جهاز تأطيري يتكون من 1300 إمام مرشد، موزعين على جميع عمالات وأقاليم المملكة. ويتميز هؤلاء الأئمة المرشدون بكونهم حاصلين على شهادة الإجازة من الجامعة، ويحفظون القرآن الكريم كاملا، وتلقوا تكوينا شرعيا تكميليا وتكوينا مهنيا عماده الالتزام بثوابت الأمة.
كما أن الظهير الشريف المنظم لمهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم، الذي صدر بتاريخ 20 ماي 2014، يعتبر انتقالا في مسار ضبط الشأن الديني بالمغرب.
ويندرج هذا الظهير في سياق مواصلة تنفيذ وتدبير الاستراتيجية المندمجة والشمولية لإعادة هيكلة الحقل الديني التي أعطى انطلاقتها أمير المؤمنين في خطابه السامي بالدار البيضاء سنة 2004، والتي يعتبر القيم الديني أحد أهم ركائزها.
وقد مر تنظيم مهام القيمين الدينيين وتحديد وضعياتهم عبر عدة مراحل مهمة شملت إنجاز الإحصاء العام للمساجد وللقيمين الدينيين الذي أظهر أن عدد مساجد المملكة يصل إلى 50 ألف مسجد فيما يقدر عدد القيمين الدينيين بحوالي 110 آلاف قيم ديني.
كما واكب ذلك إحداث برنامج لتكوين الأئمة والمرشدين والمرشدات، وتمتيع الأئمة والخطباء والمؤذنين بمكافآت شهرية قارة، إضافة لواجب الشرط الذي يتقاضونه من المحسنين، والتأمين الصحي عن المرض الأساسي والتكميلي، وإعانات مالية بسبب العجز عن مواصلة أداء المهام أو بمناسبة عيد الأضحى، وتأهيل الأئمة في إطار خطة ميثاق العلماء، وإصدار قرار يتضمن مهام ومسؤولية الأئمة والخطباء.
ويشمل هذا الظهير التعريف بالقيمين الدينيين والمهام التي يضطلعون بها، ووضعيتهم القانونية، والتزاماتهم وحقوقهم، وكذا القواعد المطبقة على وضعيتهم، وآلية النظر في شكاياتهم وتظلماتهم.
وبمقتضى هذا الظهير والظهير الشريف المحدث لمؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للقيمين الدينيين، فإن القيمين الدينيين يوجدون تحت الرعاية السامية لجلالة الملك، باعتباره أمير المؤمنين، الراعي لشؤونهم، والضامن لحقوقهم.
وتهم حقوق القيمين الدينيين المتعاقدين بالأساس الأجرة الشهرية والتعويضات المخولة للمتصرفين من الدرجة الثالثة (السلم 10)، والحق في الترقي طبق نفس المقتضيات السارية على هيئة المتصرفين (إلى السلم 11 وخارج السلم)، والحق في رخص إدارية ورخص لأسباب صحية.
ووفقا للظهير، يلتزم القيمون الدينيون بأصول المذهب المالكي والعقيدة الأشعرية وثوابت الأمة وما جرى به العمل بالمغرب، ومراعاة حرمة الأماكن المخصصة لإقامة شعائر الدين الإسلامي، وقيام القيم الديني شخصيا بالمهمة الموكولة إليه، وارتداء اللباس المغربي عند أدائها، واحترام المواقيت والضوابط الشرعية عند أدائها، وعدم القيام بأي عمل يتنافى مع طبيعة المهام الموكولة إليه.
ويتفرد المغرب في مجال تدبير الشأن الديني أيضا بمجالس الدروس الحسنية، التي تلقى في حضرة أمير المؤمنين وتستضيفها رحاب القصر الملكي خلال شهر رمضان من كل سنة، ويحضرها صفوة من العلماء الأجلاء من جميع بلدان العالم.
ويتناول هؤلاء العلماء، في هذه المحفل الديني ، بالدرس والتحليل آيات بينات من كتاب الله وأحاديث من سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، لإبراز مزايا الإسلام ومقاصده وحكمه وأحكامه. وتميزت الدروس الحسنية في عهد جلالة الملك محمد السادس بفتح صفحة جديدة غير مسبوقة في العالم الإسلامي، وذلك بأن أذن جلالته بأن تحاضر المرأة المغربية في هذه الدروس.
تدبير الحقل الديني هو أيضا رسالة إعلامية هادفة، تحمل لواءها إذاعة وقناة محمد السادس للقرآن الكريم، اللتان أحدثتا بمبادرة من أمير المؤمنين، وحققتا نجاحا وإشعاعا متميزين، وذلك قياسا على الإقبال الكبير ونسبة الاستماع والمشاهدة التي تعرفانها والتي تجاوزت حدود الوطن.
وما من شك في أن هذا التألق يرجع إلى رسالة التسامح والانفتاح، التي تحملها برامج الوعظ والإرشاد والتكوين التي تبثها هاتان الوسيلتان الإعلاميتان، والمستوحاة بالدرجة الأولى من القرآن الكريم والحديث الشريف، ومن الفهم العميق للدين الذي يتميز به المغرب.
وتتميز هذه البرامج، التي تذاع وتبث بالإضافة إلى العامية والعربية والأمازيغية، باللغتين الفرنسية والإنجليزية، بتخصيص حيز كبير منها لتلاوة القرآن الكريم وتفسيره، ودروس محو الأمية وفتح فضاءات للنقاش مع العلماء والمختصين حول عدد من القضايا. هي إذن مبادرات وأوراش إصلاحية يشهدها الحقل الديني بالمملكة، تشهد على أن هذا الحقل يشكل ركنا أساسيا ضمن المشروع المجتمعي لجلالة الملك، الذي أكد في الخطاب الملكي المنظم للمجلس العلمي الأعلى (أبريل 2004) أن التزام جلالته دينيا بالوحدة المذهبية للأمة، لا يوازيه إلا التزام جلالته دستوريا بالوحدة الترابية الوطنية.

عن وكالة المغرب العربي للأنباء

الجمعة، 11 يوليو 2014

الدكتور أحمد عبادي يحاضر في موضوع: «صناعة الإنسان في منظومة الوحي» بأبوظبي.

الدكتور أحمد عبادي يحاضر في موضوع: «صناعة الإنسان في منظومة الوحي» بأبوظبي.

ألقى الدكتور أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء/ المملكة المغربية، محاضرة بعنوان «صناعة الإنسان في منظومة الوحي«، بحضور أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وذلك في إطار برنامج المحاضرات والأمسيات الفكرية الرمضانية التي ينظمها مجلس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقصر البطين بأبوظبي.

وحضر المحاضرة أيضا الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية، والفريق الشيخ سيف بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية، و الشيخ نهيان بن زايد آل نهيان رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والشيخ حامد بن زايد آل نهيان رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي، والشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، والشيخ عمر بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة زايد بن سلطان آل نهيان للأعمال الخيرية والإنسانية، والشيخ خالد بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس إدارة طيران الاتحاد، ومعالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، والدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الديار المصرية، وعدد من الشيوخ والوزراء وكبار المسؤولين وأعضاء السلك الدبلوماسي لدى الدولة.

محاور المحاضرة

تناول د. أحمد عبادي ستة محاور رئيسية في محاضرته وهي:
الله عز وجل خالق فريد والإنسان خلق متفرد والإنسان كائن مسؤول عن إدخال هاديات الوحي بالكدح والمكابدة إلى مجال البشرية بخلاف الكائنات الأخرى وبسط للكفايات الكبرى التي تمكن الإنسان من الاضطلاع بمهام الاستخلاف والخلق السوي والإدراك والعلم والوحي والكون ومنظومة الأخلاق الوظيفية والرحمة وسائر الأخلاق الحاكمة وصناعة الإنسان الفرد وصناعة الإنسان الجماعة في سباقنا المعولم الراهن.

وقال أحمد عبادي إن العالم يعيش حالة «خلف» ونحن نقول للعالم إن الدين الإسلامي يدعو للتي هي أقوم ولكن حين ينظر إلينا العالم حالياً لا يرانا معانقين للتي هي أقوم وهذا «الخلف» يجعلنا في حاجة إلى أنموذج ليعيدنا إلى الطريق الصحيح.
وأكد أن الإمارات من البلدان المباركة المرشحة والمؤهلة لإزالة حالة «الخلف» التي يعاني منها العالم الإسلامي، وأن يصبح من الممكن رصد حالة فيها تجليات بأن القرآن الكريم يهدي فعلاً للتي هي أقوم وهذا مجال يمكن أن يرفع ويزيل حالة «الخلف».


وبدأ الدكتور عبادي محاضرته بالترحم على المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وأجزل الله مثوبته على هذا الصرح المبارك الذي أقامه فأهله لأن يكون وحدة قياسية فيها ملامح الطمأنينة والاستقرار في منطقة باتت تشهد قدراً كبيراً من الاضطراب في عالم اليوم.
وقال لصاحب المجلس: نسأل الله أن يدعمكم بمدد من عنده ويقوي صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة »حفظه الله«، وأصحاب السمو والمعالي كل في الموطن والثغرة التي يقف فيها في هذا الواقع الذي يحتاج إلى تسخير وثني الركب وتقويس الظهور.

الكتابان المنظور والمسطور
أوضح عبادي في هذا المستوى أن الإنسان مكن من مرجعين كبيرين أولهما الكتاب المنظور وهو الكون وفيه آيات والمرجع الثاني كتاب الله المسطور.
وأشار إلى أن هاتين القراءتين تٌمكننا من أمرين خطيرين الأول وهو الاهتداء إلى القدرة على الحركة وهي قراءة الكتاب المنظور والقراءة في الكتاب المسطور تُمكنا من استنباط الوجهة نحو القبلة لكي تضاف إلى الحركة فتصبح الحركة متوجهة إلى الله.
وأضاف أن الله سبحانه وتعالى لم يترك سر صناعة الإنسان في الجانب الإرشادي فقط ولكن جلاها في الجانب العلمي والتطبيق فأشخص لنا الأنبياء وخاتم الأنبياء الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليكون هو الوحدة القياسية في المجال البشري لأن هؤلاء الذين يريدون أن يضطلعوا بوظيفة الصناعة لهم مرجع ووحدة قياسية.
وأوضح أنه حين يفتقر الإنسان إلى حالة السواء في المجال البشري يكون هناك مشكلة ولذلك من لطف الله تعالى أن لها هذه الوحدة القياسية للبشر.


أفعال العباد
وذكر أن صناعة الإنسان يبرز فيها جانبان رئيسان الأول هو الخط التصوري وفيه شبكة تصورات تستخلص من كتاب الله تعالى ويكون مفهوم الخلافة شاخصاً للناس حاضراً بينهم، والجانب الثاني وهو القيم والمعايير التي تعاير عليها أفعال العباد وهي في غاية الأهمية وحين لا تكون بارزة في سلك الإنسان أفراداً وجماعات يمكن أن يذهب يمنياً ويساراً.
وذكر العبادي أن هناك جانباً ثالثاً وهي الشرائع والتنظيمات وهي في غاية الأهمية ولا بد من التنشئة ليكون الإنسان قادراً على احترام هذه التشريعات والتنظيمات، مشيراً إلى أنه يأتي بعد ذلك السلوك والتصرفات وهي أمور تضبط بشكل بين.

واقع معيق
وأشار إلى أن واقعنا الجاري معيق والمؤسسات التي كانت حارسة على صناعة الإنسان أصيبت بحالة من الارتجاج وأبرز هذه المؤسسات، بالإضافة إلى مؤسسة الحكم هي مؤسسة العلماء التي عانت من جملة من التنمرات من قوم رفعوا لواء الصفاء والعودة إلى جوهر النص بطريقة مباشرة دون العودة إلى العلماء، والتنمر الثاني من الإصلاحيين الذي بدأ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين في الاستانة والتي تشكك في قيمة الوحي الذي يمكن من صناعة الإنسان، والتنمر الثالث ظهور جماعات أصوات تشير إلى أن مؤسسات العلماء حليفة للبلاطات والحكام ولا تتحمل مسؤولياتها في مجال التأطير للناس وهذه الأمور تحتاج إلى إعادة الاعتبار إلى هذه المؤسسة الحارسة التي تشكل إلى جانب الحكام ليكونوا قادرين على تأطير هذه الحشود المؤهلة للتحصيل.
وقال إن المطلوب الآن نحت وصوغ تجمع بشري يصبح كالجسد الواحد كالبنيان يشد بعضه بعضا ويصبح لديه القدرة لرد الأمور الضارة وهي النهي والنفي عن المنكر، ولا ينبغي السير فيه مطلقاً ويصبح عنده نوعاً من التحول عندما يدخل ضمن الأمة وهذا الجسد يرده.
وقال إن هذا المثال والنموذج يحتاج إلى نوع من الكدح لكي ننتقل من حالة الشتات إلى حالة الأمة والجسد الذي يكون أداؤه مجتمعاً.

الاثنين، 26 مايو 2014

ندوة التعليم العالي والبحث العلمي في الدراسات الإسلامية، رؤية استشرافية في ضوء التحولات المعاصرة



ندوة التعليم العالي والبحث العلمي في الدراسات الإسلامية، رؤية استشرافية في ضوء التحولات المعاصرة

تنظم جامعة عبد المالك السعدي ندوة دولية في موضوع: التعليم العالي والبحث العلمي في الدراسات الإسلامية، رؤية استشرافية في ضوء التحولات المعاصرة  يومي 5/6 دجنبر 2014 بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان 


تقديم :
عرفت الجامعات المغربية تأسيس شعب الدراسات الإسلامية مطلع الثمانينيات من القرن الماضي ، وكسائر التخصصات الجديدة عرفت هذه الشعبة وهج البدايات ، وأسئلة التأسيس، وانشغال المؤسسين بمقومات العطاء والاستمرار ، ولم تلبث أن ترسخت تقاليد التكوين العلمي والبحث فيها، ورسمت لنفسها خطا - وسط شعب العلوم الإنسانية والاجتماعية بكليات الآداب بمختلف الجامعات المغربية ، وعلاقة بالتكوين والبحث في علوم الشريعة بجامعة القرويين - يطبعهما التكامل والتنوع ، إلى أن تخرج منها أفواج من الأساتذة الباحثين ، وأنجزت أبحاثا في سلك الماجستير والدكتوراه ، فاستجابت بذلك لحاجات كانت ملحة في المسيرة الثقافية والعلمية للمغرب بصفة خاصة والعالم العربي والإسلامي بصفة عامة في قطاعات هامة وحيوية ذات صلة وطيدة بالتنمية في أبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية .
وهكذا أسهم خريجوا هذه الشعبة في تحقيق المئات من المخطوطات النفيسة في مختلف علوم الشريعة وخاصة ما تعلق منها بإنتاجات علماء الغرب الإسلامي ، ومدوا الجسور من خلال الدراسات الفكرية الأكاديمية مع مختلف العلوم الإنسانية والاجتماعية في إطار مبدأ التكامل المعرفي بين العلوم ومنهجية التفكير الإسلامي القائمة على تنوع المعرفة ووحدة غايتها ، كما مدت الشعبة نفسها بوقود البقاء والاستمرار من خلال تخريج عشرات الأساتذة الباحثين الذين يؤطرون الطلبة اليوم في كل مؤسسات التعليم العالي وتكوين الأطر والبحث العلمي ، كما مدت التعليم ما قبل الجامعي بآلاف الأساتذة المتخصصين في مناهج وطرق تدريس التربية الإسلامية وعلوم الشريعة .كما نسجت علاقات وشراكات علمية وطنية ودولية متينة مع المعهد العالمي للفكر الإسلامي والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة إيسيسكو واتحاد جامعات العالم الإسلامي ومنظمات دولية كثيرة .
هذه المسيرة المباركة التي استمرت زهاء ثلاثين سنة عرفت عدة محطات للتقويم المرحلي سواء على المستوى الوطني (المؤتمر الوطني لأساتذة الدراسات الإسلامية بالمغرب تطوان 1998) أو عبر الملتقيات السنوية للهيئة الوطنية للتنسيق بين شعب الدراسات الإسلامية وجامعة القرويين ، والتي تضم رؤساء شعب هذا التخصص بمختلف الجامعات المغربية.
إلا أن التحولات الكبرى التي عرفها العالم بداية القرن العشرين سواء على المستوى المعرفي، أو على المستوى الاقتصادي والاجتماعي، أو على مستوى وسائط الاتصال والتواصل، أثرت بشكل كبير في مسيرة التعليم الجامعي والبحث العلمي بصفة عامة ، مما كان وسيكون له الأثر البالغ في التكوين والبحث في تخصص الدراسات الإسلامية إلى حدود منتصف القرن . ويمكننا أن نحدد أهم هذه التحولات في مسارات متعددة أهمها :
مسار ذو طابع وطني يتعلق بطبيعة التكوين والبحث في شعب الدراسات الإسلامية في ظل الإصلاح الجامعي الذي يدفع بقوة نحو ربط التكوينات الجامعية بسوق الشغل في اختزال مخل بالمفهوم الواسع للتنمية .مما يهدد شعب العلوم الإنسانية والاجتماعية بصفة عامة بالتراجع والانكسار في غياب أفكار جديدة تنسجم وهذه التحولات، و تضمن استمرار هذه الشعب في أداء رسالتها المتعلقة بترسيخ الهوية وخدمة المعرفة الإسلامية والاستجابة لحاجة المجتمع التنموية بمفهومها الواسع .
مسار يتعلق بالتحولات التي تعرفها نظم التكوين والبحث بالجامعات والتي تسير في اتجاه دمج التخصصات ، أوإيجاد جسور للتواصل بينها ، ودخول القطاع الخاص إلى الاستثمار في مجال التعليم العالي ، وتكاثر الجامعات الافتراضية ، مما يفرض على تخصص الدراسات الإسلامية فتح آفاق للتنسيق والتعاون مع تخصصات العلوم الإنسانية والاجتماعية يصفة خاصة والتكوينات الجامعية العلمية والتقنية بصفة عامة من جهة ، وكذا السعي إلى تطوير الذات لتقديم أفكار جديدة للتكوين والبحث تستجيب لهذه التحولات .
مسار التطور الكبير الذي عرفه حقل البحث والتكوين في تخصص الدراسات الإسلامية في مختلف الجامعات العربية والأوربية والأمريكية بحيث أصبح هذا التخصص مندمجا في مراكز البحث الاستراتيجية الكبرى التي تتخصص في العلاقة مع العالم الإسلامي سواء على المستوى المعرفي والثقافي ، أو على المستوى الاقتصادي أو الحقوقي أوالسياسي أو حتى العسكري، وهذا يقتضي الاطلاع على هذه التجارب في مختلف الجامعات ومراكز البحث العالمية والاحتكاك بها والاستفادة منها في بلورة مشروع جديد للدرسات الإسلامية بالجامعات .
مسار القضايا والإشكالات الاجتماعية والاقتصادية الجديدة التي تفرزها التطورات المتسارعة لهذه الحقول سواء على مستوى الصحة أو البيئة أو الاقتصاد أو العلاقات الاجتماعية أو قضايا التعايش وحوار الحضارات أو غيرها مما يتطلب تطوير آليات الاجتهاد وتجديد النظر في مناهج علوم الشريعة ،
إن هذه المسارات المتعددة والمتكاملة في نفس الآن تطرح على شعب الدراسات الإسلامية في منتصف القرن الواحد والعشرين عدة أسئلة ستشكل محاور للبحث في ندوة دولية تنظم بتعاون بين المركز المغربي للدراسات والأبحاث التربوية والمعهد العالمي للفكر الإسلامي وهيئة التنسيق الجامعي بين شعب الدراسات الإسلامية بالمغرب بمشاركة أساتذة باحثين من مختلف الجامعات المغربية وباحثين ذوي خبرة في المجال من جامعات عربية أروبية وأمريكية ، وتحتضنها المدرسة العليا للأساتذة بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان أيام 23/25 نونبر 2011 تحت عنوان :
"التعليم العالي والبحث العلمي في الدراسات الإسلامية: رؤية استشرافية في ضوء التحولات المعاصرة".
وتتحدد هذه الأسئلة الكبرى لهذه الندوة في:
ما هي حصيلة واقع التكوين البيداغوجي والبحث العلمي في شعب الدراسات الإسلامية ؟.
كيف نجدد أهداف وغايات التكوين والبحث في الدراسات الإسلامية من أجل ترسيخ وجودها وضمان استمرارها في أداء رسالتها المعرفية والتربوية والتنموية بصفة عامة .؟
ما هي استراتيجية التنسيق بين الدراسات الإسلامية وباقي التخصصات الجامعية سواء على مستوى التكوين أو البحث في إطار فلسفة ومنهجية التكامل المعرفي وخاصة على مستوى تكوين وتدريب الباحثين في سلك الماستر والدكتوراة .؟
كيف يمكن الاستفادة من التجارب الخبرات العربية والدولية في بناء استراتيجية جديدة للدراسات الإسلامية في أفق 2025 سواء على مستوى التعليم العالي أو البحث العلمي .؟
ما هي علاقة الدراسات الإسلامية بحاجات التنمية الوطنية والإقليمية والدولية وكيف يمكن بناء تكوينات جامعية تستجيب لهذه الحاجيات .؟
ما حجم الاستفادة من تكنولوجيا الإعلام والاتصال في تصميم وتنفيذ وإدارة تكوينات جامعية في تخصص الدراسات الإسلامية في إطار الجامعات الافتراضية والتكوين عن بعد بالشراكة مع جامعات دولية ؟
مواصفات البحوث :
أن يجيب البحث عن الإشكالات والأسئلة التي تعالجها الندوة .
أن يتسم بالجدة والنفس الاستشرافي ،وذلك باقتراح أفكار جديدة لتطوير البحث والتكوين والشراكة والتعاون في الدراسات الإسلامية .
أن يحترم معايير البحث العلمي المعمول بها في المجال في التوثيق والإحالة ( إدماج الإحالات في نهاية الصفحات).
أن لا يزيد البحث عن 30 صفحة (حجم الخط 16).
تخضع البحوث للتحكيم العلمي .
تواريخ هامة: (تحميل الاستمارة)
تنظم الندوة بمقر المدرسة العليا للأساتذة بتطوان جامعة عبد المالك السعدي بتاريخ 5/6 نونبر 2014
آخر أجل للتوصل بطلبات المشاركة وملخصات العروض : .31 ماي 2014
تاريخ إخبار الراغبين في المشاركة بقبول اللجنة العلمية لموضوع وملخص البحث :.30 يونيو 2014
آخر أجل للتوصل بالبحوث في صياغتها النهائية :..30 شتنبر 2014
تاريخ الإخبار بقبول اللجنة العلمية للبحث:.30 أكتوبر 2014
التوصل بدعوة المشاركة قبل تاريخ 15 نونبر 2014
معلومات للتواصل :
بريد إلكتروني    ezzahrisaid@gmail.comsamadikh@yahoo.fr
هاتف : 00212661554105
00212664956148
اللجنة التنظيمية للندوة :
- مجموعة البحث في "القيم والمعرفة" بجامعة عبد المالك السعدي
- ماستر التربية والدراسات الاسلامية بالمدرسة العليا للاساتطة بتطوان
- المعهد العالمي للفكر الاسلامي
بتعاون مع
- وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر
- جامعة القرويين بفاس
- هيئة اللتنسيق في الدراسات الاسلامية في المغرب
- المركز المغربي للدراسات والابحاث التربوية بالمغرب
اللجنة التنظيمية للندوة :
الدكتور خالد الصمدي رئيسا للندوة
الدكتور السعيد الزاهري مديرا تنفيذيا للندوة
الاستاذ بلال التليدي مقررا وموثقا عاما للندوة
الدكتور محمد الراضي مستشارا
الدكتور أحمد السنوني مستشارا
الدكتور جمال السعيدي مستشارا
الدكتور العربي بوسلهام مستشارا
الدكتور توفيق الغلبزوري مستشارا
الدكتور سعيد القنطري مستشارا
الأستاذ مصطفى الصمدي مستشارا
دة. مهدية أمنوح مستشارة
دة. بثينة الغلبزوري مستشارة
دة. سعاد كوريم مستشارة
اللجنة العلمية للندوة :
- د. محمد بلبشير الحسني رئيسا
- د. محمد الصمدي مدرسة الملك فهد العليا للترجمة
- د. سعيد شبار جامعة مولاي سليمان ببني ملال
- د. محمد قجوي جامعة محمد الخامس الرباط
- د. عبد الرحمن العمراني كلية الآداب مراكش
- د. حسن العلمي جامعة ابن طفيل القنيطرة
- د. محمد الهلالي جامعة محمد بنعبد الله فاس
- د. الحسن البياز جامعة ابن زهر أكادير
- د. محمد التمسماني جامعة القرويين
- د. محمد الشنتوف جامعة القرووين
- د. مخلص السبتي جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء
- د. زين العابدين بلافريج جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء
- د. محمادي بوشعيب جامعة عبد امالك السعدي
- دة. نزيهة امعاريج جامعة محمد الاول بوجدة
- د. محمد السايسي جامعة مولاي اسماعيل بمكناس
- د. نور الدين لحلو دامعة شعيب الدكالي بالجديدة
ملحوظة :
تتكلف الجهات المنظمة بإقامة المشاركين من داخل المغرب وتنقلاتهم العلمية داخل مدينة تطوان والمؤسسات الجامعية التابعة لجامعة عبد المالك السعدي طيلة أيام الندوة
تتكلف الجهات المنظمة بإقامة المشاركين من خارج المغرب وتنقلاتهم من وإلى مطار محمد الخامس بالدارالبيضاء الى مدينة تطوان ذهابا وايابا .